الخميس، سبتمبر ١٠، ٢٠٠٩

أكبادنا تمشي على الأرض ..


ربما لا يُعرف عن المدونة اكثر من الجانب الفكري او الأدبي .. لعل للإجتماعيات حقا ان أفتح لها باب القلم والورقة هنا أيضا .. فأعتذر لمن لا يحب قراءة هذه الموضوعات .. بامكانكم انتظار التدوينات القادمة :) قال يعني ماشاء الله المسيري بيكتب وبيستنوه :D

مواهب الأطفال هي ما أود تناوله في هذه التدوينة ..

كانت تحدثني على النت ذات مرة أختا لي من احدى البلدان العربية وهي أم لثلاثة أطفال .. سألتني في وسط حديثنا عن شيء في السيرة وأردفت السؤال بأنه لمسابقة في مجلة اشترك فيها صغيرها ذو الست سنين ، أجبتها عن السؤال واقترحت عليها ألا تعطيه الإجابه مباشرة بل تأخذه لتبحث وتقرأ معه في كتاب معين وتساعده في استنباط الاجابه .. ثم سألتها عن ابنها الثاني ولماذا لا تشركه مع أخوه فقالت- وشعرت بكلامها شيئا من الحرج - انه يلعب وان اهم ما لديه لعبته ثم اردفت: لكل واحد اهتمامته ..

استأت كثيرا من جملتها الأخيرة واستأت اكثر من شعورها أصلا بالخجل من اهتمامات صغيرها الثاني .. قلت وغلفت كلامي قدر الاستطاعه ليكون غير مباشر .. انه ليس داعيا ليكون ولدها مميزا ان يهتم بالثقافة من صغره ولا يعيبه ان يهتم باللعب .. وان النبوغ ليس شرطا ان يكون في مجال واحد .. الخ ما قلته

لا أدري !!

أعلى أطفالنا ان يكونوا كبارا منذ الصغر ؟

أليس من حق أحدهم ان ينعم بطفولته نقية ؟

ثم هل عليه ان يكون نابغة أصلا لينال رضى والديه ؟

واذا افترضنا انه نابغة .. أعليه ان يهتم بالكتب ليكون دليل نبوغه ؟

هل الثقافه والفصاحة والبيان هي دليل النبوغ وما سوى ذلك لا يعد كذلك ؟

عباقرة الرياضيات مثلا اين نصنفهم ؟ فضلا عن اساتذة الادارة والتخطيط الذين قد يكونوا ذوي باع قليل في المجالات الاخرى ذات العلم الغزير .. اين نصنفهم ؟

ثم هل الاهتمام بالطفل يأتي بعدما يكسر هو حاجز الواقع ليخرج قدراته ام علينا نحن ان نبحث وننقب فيه ونساعده على اخراج ما يبدع فيه - أيا كان ما يبدع فيه - " اذ لا يخلق الله فردا الا وله ما يميزه وما من شيء يتميز به انسان إلا وله فائدة " ؟

وسؤال مهم هنا .. أهناك شرط ان يكون طفلنا نابغة لنحبه ونحترمه ويظل قدره عاليا كما لو كان مميزا ؟

ألا يصح ان نخرج فردا صالحا للمجتمع وليس شرطا ان يكون - محصلش - ؟

نقطة ها هنا وسطر جديد

هل حبنا لأطفالنا يأتي لأنهم نوابغ يشعروننا بالفخر - وان كان لا بأس بذلك - .. أم لأنهم أبناؤنا وفقط ؟

متى كان الحب مشروطا بنبوغ وذكاء ..

على كل والد ووالدة ان يحذروا الخط الأحمر مع أولادهم ..( أن يجعلوا حبهم لهم مشروطا بشيء - أيا كان هذا الشيء - )..

حتى عندما يخطئ الولد .. فعلى الوالد وقت تصحيح خطأ الطفل ان يبين له ان التصرف هو الخطأ وليس هو بذاته الخطأ ، وانه غاضب من فعله وليس منه شخصا .. عليه ان يزرع في قلب طفله ان حبه له غير مشروط بظرف او حاله او ارتياح او غضب ..

أتعلمون عندما نشعر ان الله رحيما بنا أيا كان ما نفعله وان بامكاننا دوما الرجوع مهما بلغ سوء ما فعلناه .. ان رجوعك مكفول دائما لان حبه لك مكفول دائما ولا يمل منك ، ذلك الشعور الذي يؤكد لك ان الله لا يكرههك لشخصك بل يكره منك فعلك .. وانك متى تخليت عنه رضي عنك ..

كيف نرتاح فعلا عندما نعلم ذلك ، وكم نحب الله وكم تكون العودة إليه أسرع

هكذا الشأن مع الآباء والأبناء ولله المثل الأعلى ليس كرحمته شيء سبحانه ..

على الوالدين ان يجعلوا حبهم لأطفالهم غير مشروط مطلقا .. سواءا كانوا معاقين او نوابغ ، سواءا أحسنوا أو أفسدوا ..

على الطفل الغير مميز - على الاقل في حيز احكامنا القاصرة اذ لابد من شيء يميزه - الا يشعر مطلقا باختلاف التعامل بينه وبين اخوه المميز - ان وجد - لا في الحب ولا في الاهتمام ولا في التقدير لما يفعله ..

واياكم والسخرية منه ومن اهتماماته فأنتم بذلك تقطعون كل أمل لتصحيحها .. وتدفعونه للمقارنة بينه وبين اخوه فتطلقون سهما واحدا ليصيب عصفورين .. حبه لأخيه ، والامل في تصحيحه فيعاند كي لا يكون كما تريدوه لأنكم تسخرون مما هو عليه ..

لا نحتاج في امتنا ازمة ثقة بزيادة .. يكفينا القدرالموجود .. فلا تصنعوا من اطفالكم عقد نقص .. تقبلوهم أحبوهم وأخرجوا منهم نماذج صالحة .. كونهم من أصلابكم .. سببا كافيا لتغدقوا عليهم الحب والاحترام لذواتهم بلا شروط مسبقة


ولكم جزيل الشكر


هناك تعليقان (٢):

السيد جاد يقول...

منتظرين التدوينات القادمة بإذن الله ، ونحن بالفعل ننتظر و " بنستني " فعلا التدوينات .. وجزاكم الله خيرا

أنس السلطان يقول...

لا يا سيدتي
بل دور مثل هذه التدوينة في الإفادة لا يقل بحال عن دور أخواتها إذ تكتبين عن الأفكار والأهداف والأعمال للأمة مثلا.

إننا نحتاج إلى أن ننظر لبيوتنا وعلاقاتنا الاجتماعية تماما كما نحتاج إلى التنظير لدولتنا القادمة.

وليس التنظير هنا إلا حلقة من حلقات العمل فما لم نحلم به لن نراه.
..
حياك الله وبارك فيكِ