الأربعاء، يونيو ١٧، ٢٠٠٩

من صيد الخاطر ..

كان من المفترض أن أضع موضوعا أخذ حجم ثلاث او اربع صفحات وورد تقريبا .. وبعدما كاد ينتهي احجمت عن وضعه ، ربما للاسبب ، وربما لأن القلم كذا العقل تعصف به الكثير من الأمور يجعل التفلسف والكتابة ومناقشه ما كتبته مع المعلقين- اذا بقي هناك معلقين - اخر ما أريد ..

عندما تفكر في المبادئ ، في أصل الحياة ، في نهاية الوجود ، في فك شفرة وجودك - وهي في الحقيقة ليست شفرة اطلاقا -، في دربك الذي أفاض اليه حالك ، في اختياراتك ، فيما واجهته الى الان من احداث وكيف واجهتها او هربت منها او حتى حللتها بسهوله او استسلمت لصعوبتها فتركت فيك ندبة تذكرك دوما انها انتصرت عليك ،،

في محطاتك الأكثر أهمية ، ما وصلت اليه ، ما تعتبره انجازا ، ما ندمت عليه ، كم عام مر عليك ، علام تبحث الى الآن ، ما هي غايتك الحقيقية التي تسعى خلفها .. ما الشيء الذي يهمك ، يتعبك ، تحبه ، تكرهه ..

كلها امور تتشابك في لوحة تسمى حياتـ"ك" لم يتدخل في رسمها سوى ريشتـ"ك" انت فقط .. ولعل هذا اسوأ حقيقة تكتشفها .. بعدما تعطي نفسك احيانا العذر ان للاخرين دور في بعض المعطفات والقرارت والاختيارات " السيئة " طبعا لان الجيدة لن تبحث عن عذر لأجلها ..

عندما تسرح بخيالك محاولا استكشاف مستقبلك وعلى أي وضع سيكون .. دقيقتك القادمة ، شهرك القادم ربما .. عائلتك اولادك ، انجازاتك ، حالتك النفسية بعد بضع أعوام .. أي الاشياء ستظل على قائمة اهتمامتك ، ايها سيزول .. ماذا سيستجد .. جدير بالذكر انك ستفكر ايضا أي الاشياء القادمة ستكون أسيرا لها .. لأن الحقيقة التي ستكتشفها بمرور الوقت انك كلما عشت أكثر فثمة الكثير يقيدك اكثر .. وكلما استسلمت له على اساس كونه نمطا من انماط حياتك وعليك التعامل معه .. فسيشد وثاقك أكثر وأكثر ...

هذا ما يشبه تماما النظرة في عيون العجائز بعدما شعروا ان اختياراتهم السابقة تقيد حياتهم الان ولا يمكنهم ان يغيروا نتائجها بسهولة .. هم مقيدين بعائلة كان بأيديهم منذ البداية ان يختاروا طرفها الثاني بشكل أكثر حكمة كيلا يندموا ، أن يختاروا نهجا اكثر صحةً لتربية نشئهم ، ان يختاروا حياةً اكثر جدية كيلا يواجهوا شظف العيش بسبب سوء اتخاذ القرار الذي ترتب عليه مستقبلهم المعيشي .. ينظرون للشباب بغبطة شديدة .. لأنهم لا يزالون يمكلون فرصة تشكيل الأرض التي تسمى العمر .. يقسموها كما يشاؤون .. يعمروها كما يشاؤون ..

لطالما سرحت كثيرا في نظرة الشيخ أحمد ياسين .. لا أظن ان هذا رجل يأسره شيء أو يقيده من أغلال الأرض شيء .. رغم أنه عاش فيها بكل ما فيها أولاد زواج قضية وفكرة أصحاب وخلان ، واجه كل شيء
فرحا وحزنا ضيقا وفرجا ، اعداء ومنافقين أغبياء واذكياء ، دولاً أو حتى أفراد .. ومع ذلك لا تشعر ان الدنيا أرغمته ولا أسرته .. بل أسرها وارغمها ومكثت تحت قدمه .. وقاد

لا أظنه أفتقد منها شيئا بعدما رحل الى ربه ..ربما سيفقتد ان ينضم اليه من أحبهم ويعلم منهم استحقاق الخير والجزاء الحسن ، بينما كل شيء افقتده .. هو دائما كان ينظر للسماء .. وأمثاله لا يحق لهم ان ينظروا الا للسماء .. فالأرض لا تليق بهم


موجات التفكير هذه شيء متعب ومسلي بنفس الوقت .. تأمليّ جميل .. لكنه كالعادة يفضي بك لنتيجة معتادة من تأنيب وعتاب

تقف على أعتاب الذاكرة بعدما عصفت بها لتخبرك أنك جئت وستمر بما تمر به وستمضي .. شيئان فقط يمكنك ان تكترث لهما

اولها كيف ستكون لوحتك عندما تسلمها لمن أعطاك إياها بيضاء نقية .. على ماذا تحب ان تكون عليه

أما ثانيها وهو الأهم .. ان كل ما سيصاحبك في الدنيا وكل ما ستمر به وكل ما تعيشه وكل ما تشعره .. كل شيء ..كل شيء .. سيفضي الى فناء .. كل شيء ينتهي حتى لو كنت وما فارقته على قيد الحياة .. كل شيء سيتحول يوما ما الى بطاقة ذاكرة
شيء واحد فقط يبقى معك ..شيء واحد هو حقيقة كونك المجرد الذي لا يحتوي سواك وهو فقط .. الله

الامر ليس دينيا .. بل هو حقيقة كونية .. قد لا يدركها الا من شاب منهم الرأس .. اما الشباب فغالبا ما يعتبرون هذا وعظا .. او شيئا من هذا القبيل ..

لا يفسر الكثيرين الحيرة التي تنتابهم .. غرقهم حد الثمالة في الدنيا ودروبها ،اختناقهم منها ومما فيها - لا اقصد الاكتئاب بالمناسبة - ، يمكنك ان تعيش بنفس القدر من الغرق والانشغال والعمل لكن بفارق انك تملك زمام الأمر .. لا تشعر ان شيئا ما فوقك ، لا تشعر ان شيئا ما يهزمك او يملكك .. لأنك تعلم المعادلة البسيطة .. لا مالك الا الله .. كل ما دون ذلك أشياء تتغير من أماكنها بتغير الظروف والمسببات .. كل ما عليك ان تتعامل معه بثقة وذكاء ليس إلا .. وتوكل على قيوم السماوات والأرض ..
وتأكد حينها أنه مهما فعلت ومهما حصل ومهام قررت او كان اختيارك لن تنظر للوراء وأنت تشعر بندم على ما قدمت .. لأنك حققت شروط المعادلة التي تفضي لنتيجه " أمره كله له خير " ..

رغم كل ما سبق .. لا زلت أشعر انه ليس إلا فلسفة فارغة لا داعي لها .. لا أقصد المعنى .. لا أدري ، ربما اقصد اني لا احب الكلام عن المبادئ .. لان الكلام يسفه منها احيانا او يجعلها اكثر سطحية مما هي عليه حقيقةً .. لكن تبقى الحقيقة الفعلية .. أن هكذا أمر لا يُختزل في بعض حروف او اسلوب كتابة ركيك او بعض التشدقات ..


على كلٍ .. هكذا فتحت الصفحة وهذا ما كُتب ..

أقلكم حاجه !! .. لا تكترثوا بما قرأتم اعلاه .. تخاريف والله ، أراحكم الله من مثل ذلك



ابقوا بعقـل
:)


هناك ٧ تعليقات:

لبابة يقول...

أتعلمين يا شهيدة .. لم أعد أسلم نفسي لجلسات التفكير المعمقة .. فلم أصل منها إلا إلى موجات كآبة ونكد لا ينتهي بأسبوع وتذكر أحداث كانت الذاكرة قد غيبتها عني ..
لعل للآخرين دور كبير في رسم منعطفات حياتنا الرئيسية من دراسة وزواج وقيود .. ولعل للعادات والتقاليد دور أكبر أيضاً .. لكن حكمتي في الحياة ( لا تجعل نفسك أسير أمر لا تستطيع تغييره)
كذا حال حياتنا لو أردنا أن نبقى أسرى الماضي لكان هذا أسهل أمر أن نجلس جلسات تأمل موسعة على الصعيد النفسي أو الاجتماعي ومشاركة الآخرين ورمي اللوم عليهم بما آلت عليه حياتنا .. ترى ماذا سنحقق؟ وإلى متى سنبقى هكذا؟؟
أليس من تساوى يوماه مغبون؟ فمابالك من كان يومه أسوأ من أمسه ويمكن التشاؤم من حياته أيضا؟
لم لا نطلع العنان لنفكر بالمستقبل فقط .. لنرسم لوحة أجمل من لوحة الماضي لا يمكن تغييرها .. لكن نأخذ منها العبرة فقط ..
لا أزال أذكر نظرة جدتي رغم رحيلها منذ 7 سنوات .. تحمل الكثير من الأشياء التي لم يتسوعبها عقلي يومها .. لا أزال أذكر ندمها على ترك الوطن .. أترى كانت مخيرة أم الظروف أجبرتها ؟
الله وحده أعلم ..


لكن فلسفة العقلاء والمجانين سواء .. فكل المتفلسفين في نظري عقلجنين ( دمج بين عقلاء مجانين)

وتقبلي فلسفتي

ماجد يقول...

كنت في السابق (ايام كنت صغيرا)اقرا كتب العلماء في الرقائف و الزهد عن معاني مثل الصير و الرضا و التوكل و الإخلاص.

لكن كنت اقراها على انها ادب او قصص الأولين ... بمعنى ان هذا شئ كان ينطبق عليهم اما انا ... لا اظن انني او اي احد غيري يمكن بحقق هذه الأشياء ... كانها لا تعنيني

لاحقا تعرفت على ناس و سمعت للعلماء المعاصرين و قرات لهم و رايت مواقف ...

ادركت حينها انني كنت مخطئا ... و انه ويجد امثله حيه تجسد هذه المبادئ و ان كل ما كنت اقرأه كان حقيقه ...

حقيقة الأمر انه الإنسان متى ما رضي بالله ربا و بالإسلام ديننا و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبيا ادرك حقيقة نفسه

عندما يفهم حقيقتها و يستشعر معانيها تتضح الأمور لديه بطريقة عجيبة و يغدو كل مل يحصل في دنياه له معنى لأنه صارت مروبطة بطريقة صحيحية و اتضحت الصورة الكبيرة كما ينبغي

ولعل جماع الخير في الدنيا قوله عز و جل (من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو نؤمن فلنحيينه حياة طبية و لنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون)

واما الهدف فهو قوله تعالى (وما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون)

دمتي بخير و شكرا على الموضوع القيم

م. محمد إلهامي يقول...

تدوينة عظيمة .. لولا مافي آخرها من قلة الصبر.

غير معرف يقول...

عميقة انت اخت شهيدة ..
وللعمق مشاكلة ..كما للسطحي مشاكلة . العميقيون .. نظرتهم للامام اكثر حدة من نظرتهم للارض من حولهم . اي ان رؤسهم مرتفعه .. فينظرون الي بعيد.
والمشلكة تكمن ان من يكثر النظر البعيد قد تتعثر اقدامة تحتة لانه لا ينظر تحت اقدامة في نفس الوقت . انها عوائق الحياة الملحة والتي يري انه لا يملك لها حيلة وما هي الي معطلة له عن الانطلاق .
- بالتاكيد لا اريد ان اكثر من الكلام الغامض هذا .
- والحلول لمثل هؤلاء في ما يسمي الاتزان ..علي العميقيون ان يتعلموا الاتزان ..ولا يتركوا انفسهم اسري حدة بصرهم التي قد تشغلهم عن الحفر والنقر في الطريق تحت اقدامهم .

سعد بحار

شهيدة يقول...

لعل السبب في كلتا الحالتين _العمق أو السطحية_ ان صورتيهما يصعب مواجهتها أو تطويعها كما يريد المرء فيطيل التفكير أحيانا في واحده على حساب الأخرى
هذا تحليل مبدئ على الأقل :/

السيد جاد يقول...

لا يمكن أن تكون تلك الفلسفة " المؤمنة " مجرد تخاريف .. بل فلسفة رائعة تجيب علي كثير من الأسئلة الفلسفية التي نحتاج أجوبة مقنعة عنها.. وأعتقد أن كل شاب يحتاج في بداية حياته أن يضع أجوبة لأسئلتها ، وأن يعي حقائقها .

شخصيا ما تأثرت به في هذه المقالة:

1- أن كل إنسان منا يحتاج إلي أن يجيب علي التسائلات التي طرحتيها : في محطاتك الأكثر أهمية ، ما وصلت اليه ، ما تعتبره انجازا ، ما ندمت عليه ، كم عام مر عليك ، علام تبحث الى الآن ، ما هي غايتك الحقيقية التي تسعى خلفها .. ما الشيء الذي يهمك ، يتعبك ، تحبه ، تكرهه ..

2- تقرير تلك الحقيقة أن ما يكون لله هو الدائم : أن كل ما سيصاحبك في الدنيا وكل ما ستمر به وكل ما تعيشه وكل ما تشعره .. كل شيء ..كل شيء .. سيفضي الى فناء .. كل شيء ينتهي حتى لو كنت وما فارقته على قيد الحياة .. كل شيء سيتحول يوما ما الى بطاقة ذاكرة
شيء واحد فقط يبقى معك ..شيء واحد هو حقيقة كونك المجرد الذي لا يحتوي سواك وهو فقط .. الله

3- بعد مرور 33 سنة من عمري كأن هذه النظرة هي نظرتي : ينظرون للشباب بغبطة شديدة .. لأنهم لا يزالون يمكلون فرصة تشكيل الأرض التي تسمى العمر .. يقسموها كما يشاؤون .. يعمروها كما يشاؤون ..

شهيدة يقول...

أ السيد جاد

باعتقادي ليس لك حق في نظرتك تلك

الحل يكمن هنا " لأن الحقيقة التي ستكتشفها بمرور الوقت انك كلما عشت أكثر فثمة الكثير يقيدك اكثر .. وكلما استسلمت له على اساس كونه نمطا من انماط حياتك وعليك التعامل معه .. فسيشد وثاقك أكثر وأكثر ..."

لا تعتبر ما كان نمطا يُستسلم له .. انا ممن يظنون ان البداية دائما ممكنه ما توفّر العزم لها

ثم عمر حضرتك هو سن أهل الجنة وهو الجامع بين صحة الشباب وخبرة الكبار ..