السبت، أغسطس ١٥، ٢٠٠٩

أنا لا أطوف بتلك الدوائر


لنقر أولا حقيقةً كونية وهي أن ثمة توافقا انطباقيا بين جميع أجزاء كوننا بما فيه البشر .. تلك التي يُطلق عليها " سنن الكون "

واحدة من إحدى هذه السنن أثبتُها بالملاحظة لتصرفات بعض المخلوقات بدءا من الذرة ثم الحيوانات ثم البشر ومن ثم الدول وانتهاءا بالمجرات

دائما هنا نواة .. ودائما هناك إلكترونات تدور في فلكها .. كانت هذه الفكرة مبعثرة في رأسي حتى استفزها للخروج حديثي مع شقيقي اليوم ففكرت في تدوينها ..

ثمة مركزا قويا للتأثير دائما .. ودائما أيضا ما يوجد الحلقات المتأثرة من حوله .. تقدسه ، او تحبه سموها ما تشاؤون .. وبالطبع .. تتبعه
وفي كلتا الحالتين " تبعية عمياء " أو حتى "تبعية على بصيرة" .. فكلاهما تبعية

مركز التأثير ذا قوة دائما .. والقوة هي مركز الحكم في كوننا فالقوي هو الحاكم .. بغض النظر عن نوع القوة هل هي كاريزمية او جسدية اوفكرية أو أيا كان النوع ، وبغض النظر أيضا عن أحقيته بالحكم .. كونه على حق او على باطل تحدد فقط استدامة مدة حكمه .. على الاقل هذا ما استطيع رؤيه في أفقي الان

حلقات التبعية من حول مركز اقوى كما أسلفت قد تكون عمياء او على بصيرة وقد تكون خليط .. وفي الغالب يصنف الحاكم أتباعه فمن على طاعة عمياء او لنقل بلفظ آخر لا يخشى منهم لشدة إخلاصهم يدخرهم للشؤون الخاصة والدقيقة التي لا يحبذ فيها مناقشة فعله ، اما من على بصيرة فيأخذهم عوامل مساعدة ليستطيع ان يرى ما أمامه .. ويقرر على أساس ذلك

عالم الغاب قد نكون معاشر البشر نمقته لكنه حقيقة واقعة حتى في عالمنا ..

اما بالنسبة للبشر وحتى المجرات فالأمر مماثل .. الدوائر المقدسة قد تكون حول أشخاص او حول دول أو جماعات ..

فمثلا مصدر قوة أي حضارة ترتبط طرديا بمدى اتساع رقعة تأثيرها حولها .. بعدد المؤيدين ، ومن الملاحظ ان أي دولة قوية حولها مجموعة من الدول الأقل قوة والضعاف المحتمين بها ... وإذا ما تدمرت ستبحث الدول الضعيفة عن حامي جديد تغير لأجله جلدها وقيمها لتتبنى ما يتبنى .. وقد تحاول الدول التي كانت أقل قوة ان تستعرض قوتها وتضم تحت جناحها الأخريات

ما علينا

يمكن اختصار الأمر في هذا الجزء من الآيه " شعوبا وقبائل "

إذن فالقبلية سنة من سنن الكون أيضا .. ثمة مركز قوة يملك خلفية او مرجعية فكريه وقيمية معينه يدور في فلكه أتباعه.. أيا كان تصنيفهم ، ويوجد مجموعة أخرى تتبنى مجموعة قيمية أخرى أيضا لها أفلاكها الخاصة بالضرورة

السنة الثالثة من سنن الكون في هذه الحالة هي التصارع أو التنافس أو فرد العضلات ... أيا كان المسمى ، فحتى على مستوى المجموعات .. ستجد مركزا أقوى وستجد التنافس أن تكون الأقوى لكي تسير في أفلاكك المجموعات الأخرى

قد يكون الكلام السابق لا يقدم جديدا فما الفكرة هنا ؟

في الذرة .. كأصغر وأدق وأوجز مثال يختصر الكون كله ..

ستجد أن التفاعلات والعناصر والروابط بكل أنواعها وحتى الانفجارات والاكتشافات وكل شيء .. يعود الفضل فيه لعنصر وحيد

هي الالكترونات التي تملك قوة جذب قليلة تربطها بالنواة ، بالعربي تفقد النواة السيطرة عليها ...

(من اللطيف ان الذرات التي تملك عددا من هذه العناصر المشاغبة تسمى ذرات مشعة :) )

هذه العناصر القليلة هي السبب في تكوين الرابط بين نواة وأخرى فيتكون لدينا شيئا كالماء وجميع العناصر ... وواحد من هذه العناصر الصغيرة كفيل ان يصنع أبشع القنابل على وجه الأرض

بالإسقاط على الكون بكبره ... فاؤلئك الذين يخرجون عن الدوائر المقدسة ولا تقيدهم قوانينها ، المتحررون من الخضوع .. المنفتحين لكل ما حولهم ، الذين يرون المعادلة بجميع مجموعاتها ولا يقتصر نظرهم فيما يراه مركز القوة ...

اؤلئك من لا يسيرون في أفلاك الغير .. واؤلئك من يصنعون فرقا ... ولو كانوا يعدون على الأصابع قلةً في العدد

اؤلئك من لا يقدسون سوى الله
.



هناك ٨ تعليقات:

غير معرف يقول...

الخاتمة تبدو كمعزوفة غاية في الرقة والعذوبة ..
شكرا جزيلا يا شهيدة
تحليل جميل

Aml Ghonaim يقول...

هذه هي الفكرة التي بنى عليها الأستاذ الراشد كتابه صناعة الحياة ..
بناء على النظرية الكونية في النواة والذرة ... فإنه يبنبغي على أصحاب الدعوات أن يكونوا ( نواة ) في مجالاتهم وعندها يمكننا أن نصنع الحياة ( حقا ) ...
أفتقد حواراتكم الممتعة تلك ...

مـــروة كمــال يقول...

بوركت يا شهيدة

وبورك أستاذنا الراشد



هكذا تصنع الحياة ..

السيد جاد يقول...

فكرة جميلة .. لكن أري أنها تحتاج " صياغة أوضح " فقط .. تصلح أن تكون سنة من سنن الله الكونية المتناثرة في القرآن " كسنة التدافع " .. وطالما دعا العديد من الباحثين إلي تناولها بالدراسة حيث يوجد قصور شديد في تناولها بالبحث والدراسة والتأليف .. ومن ضمن من تناولها من المفكرين مالك بن نبي - رحمه الله - .. أختنا الكريمة ليتك تتبنين تلك الدراسة .

سعد بحار يقول...

بالطبع من الواضح جدا انك احدي هذه الالكترونيات المشاغبه . ولن اعلق اكثر من ذلك .

شهيدة يقول...

الغير معرف

حياكم الله ورأيكم يشرفنا لكن حبذا لو ذكرتم هويتكم


إصرار أمل

هذا الكتاب من الأشياء الجميله التي تزخرف رفوف المكتبة تنتظرني للمرة المليون ان أقرئها :D
بالمناسبه تعالي وستجدي حوارات كثيرة بانتظارك .. لا يصح الشوق بدون عمل P:


مروة كمال

نورتِ يا مروة :)


أ. السيد جاد

على الفيس بوك أيضا قالوا ان الموضوع غير واضح .. رغم ظني انني استعنت بكثير من التكرار والتوضيح في صياغته ..
أما مسألة تولي أمر البحث فيه ، وان كانت فكرة البحث كبيرة علي ، لكن أعدكم سأحاول باذن الله


م .سعد بحار

:D
دا من حسن ظن حضرتك فقط

م. محمد إلهامي يقول...

تخيلت أن الموضوع إعادة إنتاج لفكرة الراشد، كما قالت الأخت إصرار أمل.

ولكن السطر الأخير كان هو الجديد .. وكان حقا .. روعة!!!

بوركت الأفهام.

شهيدة يقول...

م. إلهامي

شهادة اعتز بها أعزكم الله ..

شجعتوني حقيقةً، على ما يبدو اني هاقرأ كتاب صناعة الحياة فعلا بعد طول ركنة

حييتم