الاثنين، أغسطس ٠٣، ٢٠٠٩

لأنهم متعطشون ..

في الآونة الأخيرة جرت أحداث كروية عديدة ، في كل مرة يحرز المنتخب المصري نصرا تنقلب الدنيا احتفالا من ناحية ومن ناحية اخرى سخرية ممن يحتفلون وإلصاق تهمة السطحية وعدم الوعي والادراك للواقع المزري بهم . .

في الحقيقة كنت التمس العذر لكلا الجانبين لفترة .. لكن مؤخرا تجلى لي شيء آخر لعله رجح كفة المحتفلين عن العاذلين ..

عندما تعيش في بلد كمصر لا تتابع عليك الانحادارات فحسب بل تٌمطر بها مطرا .. تتجه لا اراديا كمصري الطبع ان تنفس عن نفسك بالنكتة او السخرية او الفكاهة او البحث عن أي نصر حتى ولو كان الشهرة بالفن الذي لا يسمن ولا يغني أمة لتدفع الشعور بعار الذل وسط شعوب العالم ..

فما بالنا ان يكون النصر هذه المرة من شيء يحبوه كالكرة ويضاف إليه صبغة دينية صادقة متزنة هي كالعسل تجذب نحل المشاعر الدينية في قلوب الناس إلى أي شيء اصطبغ به ..
وفوق هذا احترافية عالية وجودة أداء لم يعتادوها من أي شيء بدءا من مدراس كي جي 1 و2 وليس انتهاءا بالموظفين والمؤسسات والمحسوبية والرشاوي والفساد والسرقة البليونية والإحتكار .. مرورا بالطبع على التعليم ومستواه الذي لا يحتمل التعليق


للناس كل الحق ان يقفوا وبشدة ويساندوا وبشدة هذه الرياضة حتى لو كانت لا تصنع فرقا على أرض واقعهم ..
ان شيئا يعطيك دفعا للأمام واحساس ان ثمة شيء جيد ولو كان ثانويا، أهون بكثير من عشرات البرامج الإعلامية التي تبرمج المواطن على جرعة مكثفة من الهم والنكد جراء البلاوي اللي بيسمعها عن فساد كل شبر في أرضه ..

الناس ليسوا بهذه السطحية التي نظن .. هم لا ينسون الخبز الذي لا يستطيعون الحصول عليه بسهولة ولا المياة التي تسبب لهم عشرات الأمراض ولا المستوى الصحي الذي في الحضيض ولا حتى اخوانهم الذي يقتلون بالبطئ على الضفة الأخرى من سيناء ولا حتى سيناء نفسها التي اعتاد أهلها ان يعتبروا مصر بلدا أخرى لا يعنوها في شيء .. هم لا ينسوا بل يتناسوا لأنهم يعلمون انهم عاجزون عن فعل شيء -او هكذا يقنعون أنفسهم- ..
وعندما وجدوا قشة من ذهب وسط أكوام الحريق تعلقوا بها وتطلعوا اليها هي فقط ...

لأنهم يتعطشون لنصر .. ولو كان صغيرا ثانويا يجر عليهم مكاييل الإتهامات بالتخلف

لعل هذا يوصلنا لأمر من الأهمية بمكان ... أعطوا الناس قائدا حقا .. ولا تسئلوا ماذا سيفعلون ..

عندما تخرج امرأة لا علاقه لها بالكره لتقول جئت استقبل الفريق لاقول لهم اننا لم نصدق الشائعات عليكم .. وهذا الفريق لا يؤثر عليها بشيء اصلا .. فماذا ستفعل ان اعطيتموها قائدا او حتى نماذج صالحة في المجتمع تسعى لحياة كريمة لها ..

انا لا أحصر الأمر في قائد مخلص .. هذه أساطير كاذبه ..

لكني أقول فقط لعل سوء الوضع لدرجة لا يتخيلها انسان تجعل هذه الملايين من البشر مستعدة لفعل أي شيء - إذ لا شيء تخسره بعد - لتقوم مجددا ، لا تجبروها ان تكون مثالية لأنها لن تفعل هم ليسوا بسطور في كتاب أحد المنظرين عن كيفيه التغيير ، فليقم الواعين فيهم وليعلو صوت" أفعالهم" وستنظروا ما يفعلون

لا تطالبوهم ان ينهضوا وحدهم .. لأنهم لن يفعلوا
وظيفة الشعوب ان تكون جيشا وليس قائدا .. وأفرادها جنود ..
القادة قلة قليلة عليها فقط ان تكون كفيله بتحريك هؤلاء بعد اقناعهم بصدق ما تريد ، وصوابية طريقة الوصول لما تريد ..
فمن رأى في نفسه عزما ليقود ولو شيئا صغيرا فليفعل ..

ولا ننسى ان ضمير الشعوب لا يكذب .. ومهما انطلت عليه حيلة احدهم فسرعان ما ستنقلب عليه .. إذ ليس للمتشدقين المنافقين عليهم سلطان .. وفي عبد الناصر عبرة كافية لمن يريد ان يزايد على ان الشعوب تساق وتنخدع الى ما لا نهاية ..


قد تناولت الموضوع من جزئية معينة .. ثمة تشعبات كثير بداخله لم أشأ التعرض لها الآن ..

دمتم

هناك ١٤ تعليقًا:

ماجد يقول...

الخوف هو ان مثل هذه "الإنتصارات" هي لإلهاء الناس عن حقوقهم ... ابر مخدرة

و من الإبر المخدرة الأخرى الأعياد و المناسبات التي ما تكاد تنتهي احداها حتى بدأت الأخرى (عيد العمال، عيد شم النسيمن المولد ، ...)

وان دل هذا على شئ فانما يدل على القوة الكامنة في الناس و التي تسعى بعض الأطراف على عدم اثارتها و ابقائها نائمة

لكن في النفس الوقت لا تستطيع لوم الناس على الفرح في وقت باتت مناسبات الفرح شحيحة

دمتي بخير

شهيدة يقول...

هذه الاعياد لا يعيرها الناس اي اهتمام ولا يهتمون بها الا في اطار الفرحة بوجود يوم اجازة بعيدا عن جحيم الدوام اليومي ..

جمعاوى يقول...

أنا متفق مع حضرتك فى جزء كبير من البوست

و لكن خلينى أقول


هل الناس خرجت كده فى مظاهرات و مسيرات بالمنظر ده مثلا يعنى لو أى حد من علماء مصر إتكرم بره ؟؟؟؟

أو رجع لنا بإختراع كويس ...!!


أو جايزة عليها القيمة ..!!!


أظن لا


الناس بتستسهل يا أخت شهيدة .


دمتم بكل خير

شهيدة يقول...

جمعاوي

هذا صحيح بالطبع لا أحد ينكر ان الناس بتستسهل

لكن ما اشرتُ اليه في النهايه .. انهم تبعيون غالبا .. ويصعب ان نعاملهم كأنهم واعيين وعيا كاملا بحيث يهتموا بالعلم كما الترفيه ..
والا فلنحاسبهم بالضرورة لماذا لا يغضبون لقوت يومهم الذي لا يجدوه

لا تتحرك الشعوب تلقائيا برأيي ثمة شعلة يجب ان يحملها احدهم لتسير وراءه

أخـــ مسلمة ـــت يقول...

أتفق معكِ في كثير مما قلتِ
خاصة أن الناس ينقصها فكرة وقضية أكبر من لقمة العيش التي لم يعودوا يحصلون عليها , فكرة تكسر حاجز الخوف داخلهم وتجعلهم مستعدين لأن يقدموا حتي أبناءهم من أجلها , أبناؤهم اللذين هم أغلي من أنفسهم

بداخل الناس قوة كبيرة المحرك الأساسي لها هو الدين ان حركناه داخلهم
كما نحرك السكر في كوب من الشاي المر فيحليه

أما عن الكرة فهي مجرد تفريغ للكبت الذين يعيشوه والذي لو حاولوا تفريغه في شئ آخر كالمظاهرات أو المطالبة بحقوقهم لوجدوا يد الجلاد فوق رؤوسهم تسومهم سوء العذاب

سلم قلمك و عقلك وفكرتك
دمت بكل خير
^_^

يقين النصر يقول...

شهيدة ..
تذكرين مباراة كأس العالم 2006 ..كيف كنا معا حينها ..ألا سقى الله تلك الأيام ..
مصر يا غالية كما قال الأخ جمعاوى بتستسهل ..يعنى الورة فى السليم ..لا قضايا ولا تفتيش ولا تضييق وانتصارات لا تقدم ولا تؤخر فى طريق الأمم إن كانت أمما عاطلة عن العمل ..كمثلنا ..
وأيضا هناك منظومة إعلامية ضخمة من وراءالكرة ..لا يمكن نسيان شئ كهذا ..
أغانى وبوسترات وأنا بحب الأهلى وتحليلات ..
الله المستعان ..
اليوم رأيت صورة لجمال وحسنى مبارك وحسن شحاتة والفريق القومى ..
لا تعليق ..

Unknown يقول...

حقا اننا متعطشين للنصر لرمز ولكن أين لنا به

لا حول ولا قوة إلا بالله

walaa rizk يقول...

من أجمل ما قرات بصدق

فعلا

لأنهم متعطشون

شهيدة يقول...

أخت مسلمة

اهلا وسهلا :)

اوافقك فيما ذهبتِ اليه

وما نقوله ليس عن التماس العذر لهم لكنه اقرب لقراءة الواقع بصورة اكثر انصافا

نورتِ

يقين النصر

ما احاوله في هذا الموضوع هو ان اغير هذه النظرة التي تتحدثين عنها .. نظره الجلد للناس .. صحيح هم على خطأ لكن لنفهم كيف يفكر الناس لنستطيع ان نغير فيهم .. لطالما عانت الحركة الاسلامية من اشكالية الفجوة بينها وبين الناس ولو بنسبة ما .. والى الان لم نصل .. لاننا لم نقرئهم جيدا برأيي ، ثمة مجتمع له طباع ومشاكل وتركيبة اجتماعيه معينه تحتاج قراءة جيدة حتى يؤثر فيهم ما توجهيه لهم

شهيدة يقول...

احمد توك

سنأتي به باذن الله :)


عاشقه الأقصى الحبيبة :)

متعطشوف ومحتاجين اللي يفهمهم مش يجلدهم بجد ..
الناس ملت من التأنيب انتو مببتحركوش .. نسينا ان نغيرهم قبل ان نؤنبهم على عدم الفعل

نورت كتير خالص

belal يقول...

المشكلة أن التنفيس هذا ينتج عنه خنوع ورضا وخضوع وتسليم
المشكلة ليست في حقه في التنفيس ،ولكن المشكلة أن الغضب يذهب عنه بأحداث خيالية لا علاقة لها بالواقع
فلماذا نجزن من أجل بلدنا اذ كانا نحن في طليعة الأمم بل فوقها فنحن أحرزنا كأس الأمم أكثر من أي احد
..
الشعوب تخدع فعلا لمالانهاية أنا مقتنع بهذا
..
تشيجع الكرة ومشاهدة المباريات وأخذ اللاعبي كرموز هي عملية الهاء ،احساس زائف بالانجاز
احساس زائف بالانجاز
كنت سأكتب أيضا عن هذا ،وربما تشجعني تدوينتك على هذا
..

belal يقول...

والحركة الاسلامية أؤكد لكي هنا أنها لا تعاني من فجوة ،لأن أغلبنا يشاهد المباريات وتحليلها المستفيض غباءا ومضيعة للوقت
وأغلبنا يتابع انتخابات الأهلي ولا يتابع انتخابات موروتانيا ولا كردستان العراق

نحن من هذا الشعب
..

شهيدة يقول...

بشمهندس بلال

انت داخل شمال في الشعب ليه ..

اولا احترم وجهة نظرك واحاول ان ادرسها لعلها تضيف لما اراه ..

لكن ثمة نقطتان

اولا الاحساس الزائف لالانجاز ..
هو فعلا كذلك وانا هنا لا أبرر هذا الزيف ولكني أتفهمه

اما ثانيا : لا اظن ان الشعوب تنخدع لمالا نهايه .. لأنها لو كانت كذلك لما قام طاغيه من سلطانه

اما ثالثا:
فالفجوة التي قصدتها هي عدم استيعابنا لتركيبة المجتمع بشكل كامل لذلك لا تأتي الجهود بثمارها المتوقعه " على الاقل من وجه نظري "
يعني كثيرا ما طرح المفكرين بدائل وحلول للتغيير لكن لم يلقى جميعها قبولا لدى الناس لان تركيبة المجتمع لم نفهمها جيدا ولم نفهم ما يناسبها وما نستطيع التغيير من خلاله

مثلا اضراب ابريل .. طرحت ايامها بدائل كثيره عن وسائل التغيير المفترضة لكن لم يعلم احد ما المناسب .. اضراب ابريل مثلا يؤكد ان هذا الشعب لا يستجيب مع الحلول التي تحتكم للضرب

لكن قد يستجيب للحلول التي تستلزم نصف تضحية

اتذكر جيدا تخبط الرؤى التغيريه وكلها كانت تقع في قضية عدم فهم ما يناسب الناس

هذا ما قصدته بالفجوة .. الفجوة ليست ان نرى ما يرونه فتزول بذلك ..

بل ان نفهم ما ينفعهم وما ينفع استخدامه معهم فيتغيروا اسرع

هذا لا يمنع تأييدي لنقطه اننا من هذا الشعب ونحمل عيوبه

nemo يقول...

اول مره اشوف حد ميت..
بيشعر بعطش ..
او جوع ..
او حتى بنعمة الاحساس..
الميت ميت ..
ماعلينا
ربنا يحفظك