الخميس، أبريل ١٦، ٢٠٠٩

دع الآلام تغفـو .. ( قصه قصيرة )



* دَع الآلام تغفـو*



لم تستطع رغم الشعور الذي يشبه خروج الشوك من كومة الصـوف ألا تبتسم لأول نسمة من هواء تلامس وجهها ، لأول صورة لانعكاس الشمس في عينيها لا تعكرها تعرجات الأسلاك من بعيـد

كان ذو الخمسين في انتظارها يتجلـد كي لا يطير إليها يلم شعث روحها بين ذراعيه .. او إن شئت قل .. يلم شعث أوجاعه التي سقاها القهر خمس سنين ..

يلم شعث شبابها الذي نمى بعيدا عن عينيه وهو الذي ذاع صيت رفضه لخاطبيها كي لا تبتعد عنه سريعا متعللا بصغرها

لم يكن رجلا ذا باع في السياسه ومعركه القضية ، كان مجرد أب أفنى عمره لفلذات أكباده يربيهم على خير ما يرام ويسقي أيامهم بحبه الدفاق فتزهو وتكبر ..

لم يجزع عندما أخذوا ابنه رهينة حتى يسلم ابن أخيه نفسه حيث كانـا توئما الروح

لكن ماذا بعد أن تُخطف منه مهجته

أبو الحسن الذي لو مر في قوم انتفضوا لمقدمه ..أضحت قامته منصة لشروخ الزمن

خطفوها غدراً من جامعتها لأنها - فقط - خطيبه ابن أخيه ..
ولم يكن تلفيق التهمة لنشاطاتها الجامعيه بالأمر الصعب

ويا للأقدار ..عندما تُغتال الفرحة في عينيه بريحانته وبمن خَبِره أحسن الرجال ..

على بعد خطوات من أسوار معقل الأحرار .. ضمها وضم كل صرخاتها التي سمعها قلبه طوال الخمس سنين
ضمها كأنما يعوضها كل حب حُرمته واكتنزه لهذا اللقاء ..



جن ليل يومها الحافل

لم يفلتها من طوق ذراعه طوال الليل .. والأهل والأحباب يتناوبون مهنئين .. و" المطارد " وعد بمجئ قريب لا يُعلم أوانه ليحيي الوجه الذي اختاره ليقاسمه مسيره الكفاح ..

انتهى الجمع وانتهت هي لغرفتها التي أصرت ان تظل كما هي ...

أغلقت الباب خلفها ،، للحظة ظنت قلبها سيتوقف

لاجتماع نسمات الماضي العليلة مع خمس سنين من قهر مذاب تتجرعه يوما بيوم.. وقع أقوى من قلبها الذي لا تزال تظنه صغيرا على الدنيـا

على وجل لمست فراشها الذي قاسمها كل لحظات الطفوله ،، وكانت الدمعات أسبق ، فانهمرت دموع تكابرت أن تذرفها يوما هناك ..

خمس سنوات .. وفتاة أبيها المدللـه مثار المجالس شهادةً لها بالأدب والخلق تكتوي بنيران الأسر
" أثير " التي لم تعرف وجه جندي عن قرب يوما من حرص والدها الا يعكر ذاكرتها بأي موقف مع اؤلئك القرود .. ضربت ونال سمعها بذئ القول منهم .. وأمضت أسابيعا او ربما شهور تداوي رضوض القهر الدوري

خمس سنوات تكابر فيها الألم مع كل زيارة لأهلها من خلف السياج
خمس سنوات وكل ما تتمناه ضمه من أبيها ، الرجل الذي ما شعرت يوما بالخوف في كنفه

كل الأمان تكسر مع أول صفعة لعنادها .. وفجأه غدت الفتاة فيها طفلة ذات ثلاث ، كل ما ترجوه وجه تركن إليه

نامت كيمامه تغفو في عشها الصغير ..



أول شهر يمر عليها مذ انتهت رحله الأسر في سجون بني يهود

نافذة بيتها أصبحت ملجأها المعتاد عندما ينتهي حظ الشمس من السماء

على غفلة فرت دمعه من عينيها

زوجها مقاطعا ومخففا عنها ثقل ذاك التأمل الذي يضرب بها في أعماق الذكريات :

- لورد الرابطه الآن شجونا آخر أليس كذلك

كل وجه تركته خلفها هناك تدافع لذاكرتها دفعة واحده .. شعرت بغصة ولم تستطع احكام قيد الدموع اكثر

- خائنة أنا لأني تركتهن خلفي ..
عبثا حاول من يمين الكلام الى شماله ان ينتزعها من ذلك الشعور

أنهت محاولاته بابتسامة تكسرت معالمها بالدموع :
-دع الآلام تغفو لا تداعب جفنها بالكلمات .. مرهفة الحس هي فارفق بها ، دعها فقط ،، كيلا تدر العبرات

____


إهداء : إلى من وضعوا كبش العمر أضحيةً ولا يبالوا ان كان نصل السكين سيقطع شريان الحياة فينالوها شهادة .. او لا يريح فثَمَ طول السنين

إلى الغاليات ( المنسيات ) أسيرات سجون الظلم ..


شهيـــدة

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور بارك الله فيك وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وانتم بخير .يامحبي مدونة اسامة بارك الله فيها والقائمين عليها